فى تغطية مباشرة خاصة لأبناء مصر
تم الكشف عن ضحية التعذيب محمد عبد العزيز اسماعيل من قبل “مصريون ضد التعذيب
وأحب أن أتوجه بالشكر لكل من معتز عادل وإسلام العدل لتقيدمهم يد العون لنا ولتعاونهم لاخراج هذا العمل
وأتوجه بالشكر يضا إلى كل من الاخ العزيز احمد الجيزاوى ومحمود الشيشتاوى وأخى العزيز أحمد سعد دومة”
محمد عبد العزيز إسماعيل، شاب مصرى لا يتجاوز من العمر الثلاثين عاما، يمتلك قدراً كبيراً من الوسامة لم تستطع هذه الحادثة أن تخفيها أو تغير منها، استقبلنا وهو طريح الفراش ... مكسور .. منهك القوى والعزائم ... ترى فى عينه نظرة منكسرة على شبابه الذى يخشى أن يضيع، وخوفا على عائلته من المستقبل الغامض، ورعبا من المجهول الذى ينتظره، أما أمه فهي سيدة بسيطة ترتدى ثوبا أسودا كأغلب سيدات مصر، ووجهها يحمل ملامح مصرية خالصة، ويحمل معه أيضا معانى كثيرة لا تخطئها العين، فترى في ملامحها هذه جهد وتعب وشقاء وانكسارات وعناء وأفراح، وآهات، ومعاناة طويلة .. ولكن لم يكن هدف تلك المعاناة بناء شاليهات أو قصور، لا لا ... لم تكن معاناتها فى سبيل ذلك، ولكن كل معاناتها تمثلت فى أن ترى وليدها البكرى قد صار رجلا يحمل معها أو عنها بعض متاعب الحياة، ويمسح عنها آثار الماضى بكل ما فيه من مشاق ويزيل عنها هذا الأثر الذى ارتسم على وجهها للأبد، ولكنها ولفجأة استيقظت من هذا الحلم لجميل، على واقع مرير، لتجد رجلها وقد كسرت عظامه وتحطمت أمامه كل معانى الرجولة والعدل والرحمة، وتكسر وتهشم معه هذا الصنم وهذا الإله الذى قد جعلوه كذلك مؤخرا
ومن هنا يروى لنا عن قصته مع دبابير وأفاعى النظام ، فيروى قائلا أنا متزوج ولدى طفل وأعول أمى واخوتى ـ تقريبا يعول ستة أفراد ـ ترك تعليمه الجامعى فى كلية التجارة واشتغل فى مهنة والده حدادا ليجاهد شرور الحياة ويقوم على رعاية أسرته، ولكن هذه الشرور لاحقته وكانت على شكل بلاغات كيدية ومحاضر بيئة قام بها بعض أفراد من أقاربه، وفى كل مرة يذهب إلى عش الدبابير (قسم الشرطة سابقا) ويسدد قيمة هذه الغرامات، ولكن ما حدث هذه المرة كان اكثر من مفاجأة، ففى يوم 4/9/2007 كان الشر فى انتظارهم وأخذ يطرق باباهم بقوة وفى ساعة متأخرة من الليل حوالى الساعة الثالثة والنصف فجرا، تقتحم قوى الشر هذا البيت المسالم، ويفزع من فى البيت، ويأمر الظابط ويُدعى "إسلام باشا" زبانيته بان يجدوا له "محمد" وتنتشر الأفاعى فى كل مكان تبث سمومها وشرورها فى وجه من تلقاه فهذا أخوه الصغير نائم على فراشه فى الصف الثالث الإعدادى يظنون أنه "محمد" فيوقظه أحد المخبرين ضربا وركلا ولكما على وجه وفى كل أنحاء جسده الضعيف الهزيل، وتستغيث الأم وتقول للظابط الذى يدعى "إسلام باشا" يا بيه ابنى ده صغير ده فى تالتة إعدادى ده مش هو أخوه "محمد" الى انتم بدوروا عليه ... هو بس الى طويل شوية... وريهم يابنى كرنيهك .. ده مطلعش بطاقة حته، ولكنه يسبها ويشتمها باقزع الشتائم وأفظع السباب،ويسالها عن مكان مبيت "محمد"، وتخبره على مضدد على انه فى الدور الثانى ولا يرق قلبه لتوسلاتها وآهاتها ودموعها، وهنا يتركونها مع طفلها الصغير ويذهبون هم إلى مرادهم.
ويتوجهون إلي الدور الثانى، ويطرقون الأبواب بشدة وبعنف، ويوشكون على تحطيم الباب، فيفتح لهم محمد، فيستقبلونه باللكمات والركلات، ويقول له "إسلام باشا" انت عليك 1300 جنيه غرامة، ينظر إليه متعجبا .. خائفا، ويقول يا باشا جايلى الساعة ثلاثة ونصف الفجر وتطلب منى 1300 جنيه، ده ما فيش فى البيت غير 300 جنيه خدهم يا باشا، ويأخذهم الباشا، وينهال عليه المخبرين "أحمد جميل السباك" و"عمر المرشدى" وآخرين ضربا بالأيدى والأرجل ويظلون يكيلون إليه كل هذه الضربات و يحاول أن يتلمس ملجأ من هذه الآلام ومن هذه الضربات حتى يُحجز فى ركن صغير، ويصبح ظهره إلى السور ووجه إلى ركلاتهم وضرباتهم فلا يصمد هذا السور طويلا، ولا أعنى بصمود السور الصمود أمام الدفع والشد والجذب، فمن الممكن أن يصمد أمام هذا، ولكنى اعتقد أن سبب انهياره، هو عدم قدرته على تحمل كل هذا القدر من الكره والحقد والغل والشر، فالسور أبى على نفسه أن يحجز محمد ويترك متسعا للمجرمين فى أن يكملوا حلقة التعذيب، فابى وسقط به من الدور الثانى .
وتدخل الأم، بعد سماعها صوت الارتطام ، لتسمع الباشا وهو يقول لمخبريه ومساعديه .. هو حي ولا ميت، فتخشى الأم، ولكنها ولسخرية القدر تخشى على واحد منهم، وتقول لهم يا نهارى انتم رميتوا واحد منك من عندنا، انتم جايين تودونا فى داهية، وتنظر من بعيد فترى شخصا ملقى على بطنه وسط الأكوام والكراكيب، وعقلها لا يريد أن يصدق عينيها، وقلبها يحدثها بأنها تعيش حلما أو كابوسا على الأكثر، ولكنها تصرخ .. وتصرخ ... وتصرخ، وذلك بعد أن تيقنت أن هذا الملقى على وجه فى الشارع هو ابنها .. وليدها، وبعد أن يفروا هربا، ويتجمع جيرانها وتستغيث ويغيثها جارها ويشهد على الواقعة، ويقلهم بسيارته إلى بمستشفى بلقاس حيث تم عمل جبيرة له، ثم تم نقله إلى مستشفى المنصورة الدولى، لإكمال رحلة العلاج
وفى مستشفى المنصورة الدولى وفى قسم العظام بالدور الرابع؛ غرفة 4203 تحديدا كانت زيارتنا لنه، وبعد أن أنهى حديثه هو وأمه، ، وحدثنا عن إصاباته من جراء هذا الحادث، فترك هذا الحادث كدمات تقريبا فى جميع أنحاء جسده، وتتركز خاصة فى الزراعين والكتفين وكسور فى اليد اليسرى ، وقد أجرى له عملية جراحية وتم تركيب شريحة فى منطقة الفخذ، ويجب أن يظل على طريح الفراش دون حراك لمدة شهرا كاملا
وبرغم كل هذه الآلام، فتضاف على آلامه آلاما من نوع آخر، ولكن أثرها على النفس لا يقل ألما من الذى حدث
ـ فالمستشفى والطبيب المعالج لم يكتب تقريره الطبى حتى الآن، وقد مر على وجوده فى المستشفى 18 يوما، ولم يزره الطب الشرعى، ولا يعرف شيء عن حالته التى تستدعى العلاج أكثر من شهر
ـ دخل عليه بعض الأفاعى والدبابير الكبيرة، وهو فى حالة إغماء وتخدير من أثر المخدر وذلك بعد وصوله إلى مستشفى المنصورة الدولى بساعات قليلة، وبعد إجراء العملية الجراحية له قاموا بتبصيمه على ثلاثة أوراق وذهبوا !!!
ـ التهديدات ظلت مستمرة له، فذهب إليه بعض الأفاعى ذوى الدبابير الكبيرة، يهددونه تارة ويرشونه تارة أخرى، ويبتزونه تارة بالورقات التى عليها بصمته.
ـ يخشى من ركود الإجراءات وعدم اكتمالها ، بسبب أن المدعى عليهم وهم رجال وأفراد الشرطة ذوى النفوذ والسلطان الواسع فى هذا البلد
وينهى محمد حديثه معنا، وآخر سؤال أسأله له، عاوز ايه؟ يقولى عاوز أروح البيت وأمشى على رجلى تانى
وهنا يجب أن توجه رسالة ويسمعها كل كهنة هذا النظام وصنمه الأعلى ، كلمة "محمد" ... أن كل أمله فى أن يرجع ويسير على قدميه مرة أخرى لا أكثر.
فلتسمع يا صنم إن كنت تسمع؟ ولتشعر يا صنم إن كنت تشعر؟ ولتعقل يا صنم إن كنت تعقل؟
أن عبيديك بنى عبيدك بنى امائك، قد كرهوا ظلمك وطغيانك
فانتظر ما هو آت
ولتفهم يا صنم ان كنت تفهم
بحث ميدانى
احمد الجيزاوى ، ومعتز عادل، وإسلام العدل، ومحمود الشيشتاوى، وأحمد سعد دومة
تصوير وإعداد التقرير منذر